الجمعة، 8 يونيو 2012

أحلام القلوب العذراء ..

في بلد الترف وفي موطن البذخ وخلف سور عظيم كان منزل أسرة أحمد و ريم .. أسرة الحب الناقص ، أم أسرة الحب الخائن ؟! 


لا أعلم فأنا كأنتم جاهلة ، سأقرأها معكم .. 
ساعي البريد يأتي صباحاً الساعة السادسة والثلاثون دقيقة لوضع رسائل المنزل " الخمس" في الصندوق وأخذ الرسائل الصادرة منهم ..
ساعي البريد فتى لعوب أم شقي ؟! 
فهو لا يراعي " حرمة الرسائل " ..

... 


الساعة الخامسة فجراً تجري " نائلة"  إلى مكتبها ترتب ما ستبعثه هذا اليوم إلى " سامر " .. 
كتبت : " هل حقاً أنا على ذمة عاشق أستطيع أن أذيقه خمر أنوثتي ؟! أنني كل ليلة أدس صورك التي أتخيلها في عرش قلبي .. بشوق أن أراك ، خالني أن الرجال سواء في القسوة ، في الغربة ، لم أكن أعلم أن خلف الجدران رجلاً يستطيع سلب قلبي ..
سامر .. بشوق إلى يوم العهد .. يوم الملتقى .. 
نائلة " 


وبالغرفة المجاورة " جهاد " يكتب الأبيات الآخيرة من القصيد لأنثى السراب " جود " :
* ما أملك أسأل عن ذهابك وايابك / بس أعرف انّك اعظم الناس ترحاب 
لو فيه واحد يسألك عند بابك / أبسألك بـ الله بتسكّر الباب ؟! 


يا حورية لم تراها عيني بأي شكل اقتحمتِ الباب وكشفتِ الحب الساكن داخلي ؟!
جود .. أبتغي قربك فأنا أرفض المسافات والسور  " .. 


وبعد ثلاثة أمتار كانت الأم " ريم " تختم رسالتها المبعوثة  إلى " حسان" الرجل الذي غلب على حدسها  أنه مخلص ، صادق ، عطوف ، لا يغضب ، لا يزجر ، الممتلئ حيوية و عطاء ..  


وكذا الأب " أحمد "  ليس عنهم ببعيد .. فهو قد كتب ما كتب إلى الحبيبة "هاجر " ..



والخادمة المغتربة تُسَطر وتمحو بين حنين لآبنائها وزوجها وبين إحتياجها لجمع المال ولقمة العيش .. 

تحت سقف واحد خمسة أكف لا تمل من كتابة كل مشاعرها .. تصبها للمجهول .. بعد أن عَرَف كل واحد منهم الطرف الآخر في أماكن مختلفة أحدهم في مقهى عن طريق البلوتوث .. وآخر عبر غرف الدردشة .. و رابع وخامس عن طرق مختلفة .. 


ولكن شغب " ساعي البريد " لا ينتهي فهو يوصلها كل يوم إلى الأطراف المعاكسة .. الأطراف الوهمية ..


مكثوا مايقارب عام ونصف تبادل الرسائل  .. حتى قربت إستقالت " ساعي البريد " عن مهنته التي  أمضاها في لهو و حنكة .. 


في يومه الآخير أخذ جميع الرسائل المرسلة ، وقرأها كما اعتاد سابقاً ، وفي صبيحة الغد وضع رسالة واحدة كتب فيها التالي : 


إلى افراد عائلة " أحمد وريم"  بعد السلام والسؤال عن الحال أقول لكم ما صنعته يدي لكل فرداً منكم .. 


على علم أن كل واحد منكم في قلبه نزار ولكن بنكهة آخرى ومذاق خاص ، في قلبه قيس أم ليلى ، لا يهم  ! الذي يهمني أن أخبركم أنكم تعشقون أنفسكم حتى الثمل ،  تعشقون أسرتكم كما هي فلا هناك في الحياة أحداً يقال له سامر ، أو حسان ، وليس هناك فتيات يقال لهن هاجر أو جود .. 


انتم الحكايا التي حُكيت همساً وقدرا ، أنتم الحلم الجميل للآخر منكم ، 
ما أعنيه أن أحمد أنت تقرأ لـ ريم كل ليلة ، لكنك أب أحمق لاتعرف أين الحب الصحيح ؟! 
فأنت كل ليلة تختلي به وتجهل أين هو؟!
وريم تقرأ لأحمد ولكنها كزوجها تماماً إمرأة حمقاء ، لا تعرف سوى التذمر ، تريد حياة وردية عارية عن الكدر وتجهل أين هي ؟!


وجهاد ونائلة أضحوكة بأن تقرأن أسراركما دون تعلمان ، أن هذا يصيبني بالقهقه حقاً .. 


ما كنت اشفق كثيراً على أحد منكم سوى على الخادمة التي تكتب دون كلل كل يوم مايقارب العشر ورقات ، لهذه السيدة خجلت أن أقرأ ماتكتب فهي تعرف أين الطريق ؟!


ولأن عملي إنتهى إضطررت أن أخبركم الحقيقة .. 
فأنا ساعي البريد وأنا الذي أقوم بفتح الرسائل وتبديل الأظرف وكأنها من الطرف الآخر ..


في النهاية عليكم أن تعلموا ما قاله أدونيس : " ليس في الأرض حب غير هذا الذي نتمنى أن نحظى به ذات يوم "


كونوا أسرة كما كنتم من حب ومشاعر .. وسأزوركم حين أعود للمدينة ذات يوم ..


إنتهى ..


* للأمانة الأدبية : الأبيات التي ذكرت في صلب القصة للشاعر سعد علوش ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق